الخميس، 12 يناير 2012

محمد على باشا والى مصر < 1805 - 1848 >




  • تعتبر إنجازاته تفوق كل إنجازات الرومان والروم البيزنطيين والمماليك والعثمانيين وذلك لأنه كان طموحا بمصر ومحدثا لها ومحققا لوحدتها الكيانية وجاعلاً المصريين بشتى طوائفهم مشاركين في تحديثها والنهوض بها معتمداً علي الخبراء الفرنسيين ، كما إنه كان واقعياً عندما أرسل البعثات لفرنسا وإستعان بها وبخبراتها التي إكتسبتها من حروب نابليون ،  وهو لم يغلق أبواب مصر بل فتحها علي مصراعيها لكل وافد. وإنفتح على العالم ليجلب خبراته لتطوير مصر ،  ولأول مرة أصبح التعليم منهجيا. فأنشأ المدارس التقنية ليلتحق خريجوها بالجيش. وأوجد زراعات جديدة كالقطن وبني المصانع وإعتنى بالري وشيد القناطر الخيرية على النيل عند فمي فرعي دمياط ورشيد .




  • وعندما استطاع القضاء على المماليك ربط القاهرة بالأقاليم ووضع سياسة تصنيعية وزراعية موسعة. وضبط المعاملات المالية والتجارية والإدارية والزراعية لأول مرة في تاريخ مصر ،  وكان جهاز  الإدارة أيام محمد علي يهتم أولا بالسخرة وتحصيل الأموال الأميرية وتعقب المتهربين من الضرائب وإلحاق العقاب الرادع بهم ، وكانت الأعمال المالية يتولاها الأرمن والصيارفة كانوا من الأقباط والكتبة من الترك وذلك لأن الرسائل كانت بالتركية ، وكان حكام الأقاليم وأعوانهم يحتكرون حق إلتزام الأطيان الزراعية وحقوق إمتيازات وسائل النقل فكانوا يمتلكون مراكب النقل الجماعي في النيل والترع يما فيها المعديات ، وكان حكام الأقاليم يعيشون في قصور ولديهم خدم عبيد وكانوا يتلقون الرشاوي لتعيين المشايخ في البنادر والقرى ،  وكان العبيد الرقيق في قصورهم يعاملون برأفة ورقة ، وكانوا يحررونهم من الرق ،  ومنهم من أمتلك الأبعاديات وتولى مناصب عليا بالدولة ، وكان يطلق عليهم الأغوات المعاتيق ، وكانوا بلا عائلات ينتسبون إليها فكانوا يسمون محمد أغا أو عبد الله أغا وأصبحوا يشكلون مجتمع الصفوة الأرستقراطية ويشاركون فيه الأتراك ، وفي قصورهم وبيوتهم كانوا يقتنون العبيد والأسلحة ومنهم من كانوا حكاماً للأقاليم ، وكانوا مع الأعيان المصريين يتقاسمون معهم المنافع المتبادلة ومعظمهم كانوا عاطلين بلا عمل وكثيرون منهم كانوا يتقاضون معاشات من الدولة أو يحصلون على أموال من أطيان الإلتزام وكانوا يعيشون عيشة مرفهة وسط أغلبية محدودة أو معدومة الدخل .




  • وكان محمد علي ينظر لمصر على أنها من أملاكة ، فلقد أصدر مرسوما لأحد حكام الأقليم جاء فيه "البلاد الحاصل فيها تأخير في دفع ماعليها من البقايا أو الأموال يضبط مشايخها ويرسلون للومان (السجن) والتنبيه على النظار بذلك ، وليكن معلوماً لكم ولهم أن مالي لايضيع منه شيء بل آخذه من عيونهم" .




  • وكان التجار الأجانب ولاسيما اليونانيين والشوام واليهود يحتكرون المحاصيل ويمارسون التجارة بمصر ، ويشاركون الفلاحين في مواشيهم. وكان مشايخ الناحية يعاونونهم على عقد مثل هذه الصفقات وضمان الفلاحين. وكانت عقود المشاركة بين التجار والفلاحين توثق في المحاكم الشرعية. وكان الصيارفة في كل ناحية يعملون لحساب هؤلاء التجار لتأمين حقوقهم لدي الفلاحين، ولهذا كان التجار يضمنون الصيارفة عند تعيينهم لدى السلطات ، ولا سيما في المناطق التي كانوا يتعاملون فيها مع الفلاحين ، وكان التجار يقرضون الفلاحين الأموال قبل جني المحاصيل مقابل إحتكارهم لشراء محاصيلهم ، وكان الفلاحون يسددون ديونهم من هذه المحاصيل ، وكان التجار ليس لهم حق ممارسة التجارة إلا بإذن من الحكومة للحصول على حق هذا الإمتياز لمدة عام ، يسدد عنه الأموال التي تقدرها السلطات وتدفع مقدماً ، لهذا كانت الدولة تحتكر التجارة بشرائها المحاصيل من الفلاجين أو بإعطاء الإمتيازات للتجار ، وكان مشايخ أي ناحبة متعهدين بتوريد الغلال والحبوب كالسمن والزيوت والعسل والزبد  لشون الحكومة لتصديرها أو إمداد القاهره والاسكندرية  بها أو توريدها للجيش المصري ، ولهذا كان الفلاحون سجناء قراهم لايغادرونها أو يسافرون إلا بإذن كتابي من الحكومة ، وكان الفلاحون يهربون من السخرة في مشروعات محمد علي أو من الضرائب المجحفة أو من الجهادية ، وكان من بين الفارين المشايخ بالقري لأنهم كانوا غير قادرين على تسديد مديونية الحكومة . ورغم وعود محمد علي إلا أن الآلاف فروا للقري المجاورة أو لاذوا لدى العربان البدو أو بالمدن الكبرى ، وهذا ماجعل محمد علي يصدر مرسوماً جاء فيه "بأن علي المتسحبين (الفارين أو المتسربين) العودة لقراهم في شهر رمضان 1251 هـ - 1835 وإلا أعدموا بعدها بالصلب كل علي باب داره أو دواره" ، وفي سنة 1845 أصدر ديوان المالية لائحة الأنفار المتسحبين ، هددت فيها مشايخ البلاد بالقري لتهاونهم وأمرت جهات الضبطية بضبطهم ومن يتقاعس عن ضبطهم سيعاقب عقابا جسيما .




  • وتبني محمد علي السياسة التصنيعية لكثير من الصناعات ، فقد أقام مصانع للنسيج ومعاصر الزيوت  ومصانع الحصير ،  وكانت هذه الصناعة منتشرة في القرى إلا أن محمد علي إحتكرها وقضي على هذه الصناعات الصغيرة ضمن سياسة الإحتكار وقتها ، وأصبح العمال يعملون في مصانع الباشا ، لكن الحكومة كانت تشتري غزل الكتان من الأهالي ، وكانت هذه المصانع الجديدة يتولى إدارتها يهود وأقباط وأرمن ، ثم لجأ محمد علي لإعطاء حق امتياز إدارة هذه المصانع للشوام ، لكن كانت المنسوجات تباع في وكالاته ( كالقطاع العام حاليا ) ، وكان الفلاحون يعملون عنوة وبالسخرة في هذه المصانع ، فكانوا يفرون وبقبض عليهم الشرطة ويعيدونهم للمصانع ثانية ، وكانوا يحجزونهم في سجون داخل المصانع حتي لايفروا ، وكانت أجورهم متدنية للغاية وتخصم منها الضرائب ، كما كانت تجند الفتيات ليعملن في هذه المصانع وكن يهربن أيضا .




  • وكانت السياسة العامة لحكومة محمد علي تطبيق سياسة الإحتكار وكان على الفلاحين تقديم محاصيلهم ومصنوعاتهم بالكامل لشون الحكومة بكل ناحية وبالأسعار التي تحددها الحكومة ، وكل شونه كان لها ناظر وصراف و قباني ليزن القطن وكيال ليكيل القمح ، وكانت تنقل هذه المحاصيل لمينائي الإسكندرية وبولاق بالقاهرة ،  وكانت الجمال تحملها من الشون للموردات بالنيل لتحملها المراكب لبولاق حيث كانت تنقل لمخازن الجهادية أو للإسكندرية لتصديرها للخارج ، وكان يترك جزء منها للتجار والمتسببين (البائعين ) بقدر حاجاتهم ، وكانت نظارة الجهادية تحدد حصتها من العدس والفريك والوقود والسمن والزيوت لزوم العساكر في مصر والشام وأفريقيا وكانت توضع بالمخازن بالقلعة ،  وكان مخزنجية الشون الجهادية يرسلون الزيت والسمن في بلاليص والقمح في أجولة .




  • وكان ضمن سياسته لاحتكار الزراعة تحديد نوع زراعة المحاصيل والأقاليم التي تزرعها ، وكان قد جلب زراعة القطن والسمسم ، كما كان يحدد أسعار شراء المحاصيل التي كان ملتزما بها الفلاحون ، وكان التجار ملتزمين أيضا بأسعار بيعها ، ومن كان يخالف التسعيرة يسجن مؤبد أو يعدم ، وكان قد أرسل لحكام الأقاليم أمراً جاء فيه "من الآن فصاعدا من تجاسر علي زيادة الأسعارعليكم حالا تربطوه وترسلوه لنا لأجل مجازاته بالإعدام لعدم تعطيل أسباب عباد الله" ، وكانت الدولة تختم الأقمشة حتي لايقوم آخرون بنسجها سراً ، وكان البصاصون يجوبون الأسواق للتفتيش وضبط المخالفين ، وكان محمد علي يتلاعب في الغلال وكان يصدرها لأوربا لتحقيق دخلاً أعلى ، وكان يخفض كمياتها في مصر والآستانة رغم الحظر الذي فرضه عليه السلطان بعدم خروج الغلال خارج الإمبراطورية .  



  • ليست هناك تعليقات:

    إرسال تعليق